حديث الإثنين:كيف نحافظ على روح المحبة والوئام؟
التفاعل السياسي القائم الذي تشهده الساحة اليمنية اليوم ولم يكن معروفاً من قبل في حياة اليمنيين لاسيما أنه يجري في ظل عدوان ظالم يتعرض له اليمن وشعبه العظيم للعام السابع على التوالي
وكان يفترض أن تعلن خلاله حالة الطوارئ بل وكنا نعتقد أن هذا النهج الحكيم هو الذي سيحمى الشعب اليمني من الصراعات الداخلية والتدخل الخارجي، لكن مع الأسف الشديد فقد تاهت منا روح الحب والوئام فوأدناها أو اغتلناها مثلما اغتلنا وقتلنا كل شيء جميل وأصيل في حياتنا.
لم نكن نتوقع أبدا أن ترتفع أصواتا معترضة على ما يتم من تفاهم بين القيادات العليا لمكون أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام وعدد من المكونات السياسية الأخرى تعزيزا وحفاظا على تماسك الجبهة الداخلية لمواجهة العدوان والتصدي له والانتصار عليه وكأن هذه التفاهمات التي تخدم الوطن اليمني بالدرجة الأولى تعتبر في نظر من تعودوا على الاصطياد في الماء العكر سواء كانوا سياسيين او اعلاميين جريمة لا تغتفر ومن المحرمات لأنها قطعت عليهم الطريق ومنعتهم من خدمة العدوان، ومادمنا نعيش بهذه العقلية والتفكير لا نميز بين الأبيض والأسود فإننا لم نستفد من تجارب بلدان العالم المتقدمة التي تجعل من السياسة أسلوب للاختلاف وصولا إلى أهداف تنفع الناس والمجتمعات وتلبي طموحاتهم وذلك بعكس ما يحدث عندنا.
وهنا يطرح السؤال نفسه لماذا لدينا السياسة في اليمن هي إحتقان وفوضى وخلافات بل واستعداد للقتل والتدمير؟ ولماذا لدينا السياسة فجور في الخصومة وعداء شنيع في المواقف فتتحول إلى أفخاخ وشراكات ومخالب تدمي وتؤلم وتفتك؟ إذا كنا طوال ما يقارب ستة عقود مضت منذ قيام ثورة 26سبتمبر عام 1962م وحتى اليوم لم نتعلم منها كيف نختلف وكيف نتعايش وكيف نعمل ونقبل بالآخر بل وكيف نعمل بإخلاص من أجل الصالح العام للوطن والمواطن فكيف لنا أن نتعلم خلال سنوات أو أشهر قليلة لكي نخرج من هذا المأزق الذي حشرنا أنفسنا فيه بوعي أو بغير وعي، ولذلك فإذا كانت هذه السياسة التي نعرفها ونتعامل بها ستظل هي السائدة فلتذهب هذه السياسة إلى الجحيم ولنعش دون كل هذا الاهتراء السياسي والفحش الحزبي والإعلامي الذي لا حدود لكراهيته وتمترسه وتحوصله في دوامة الخوف والموت والعداء المضمر والمعلن وهو ما يجعلنا نقول: ألا قاتل الله السياسة إن كانت بمثل هذا العبث، وسحقًا لساسة وإعلاميين يكون الوطن عندهم هو آخر ما يفكرون به أو يعملون من أجله ويجعلون مصالحهم الخاصة فوق مصالحه.
لقد كنا نعتقد أن اقتران الوحدة اليمنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان وفتح المجال واسعاً أمام منظمات المجتمع المدني لتقوم بدورها كما يجب هو الذي سيهيئ المناخ الآمن والمناسب لنا كيمنيين لخدمة الشعب والوطن لاسيما أن البعض كان يعتبره إنجازاً أقرب ما يكون إلى الإعجاز التاريخي، لأنه جاء في ظل ظروف إقليمية ودولية استثنائية اتسمت بالتعقيد والتحولات الجذرية بمسار التاريخ المعاصر الذي شهد انهيار إمبراطوريات وتفكيك دول.
وكنا نظن أيضاً أنه كلما زاد هذا الإنجاز اليمني ابتعاداً عن لحظة انطلاقه وتوغل في سفر التاريخ كلما تجلت عظمته وأهميته وأبعاده الوطنية والإقليمية والقومية وإن كانت التجربة الديمقراطية اليمنية ليست طويلة إذا ما قسناها بتجارب الدول العريقة في الديمقراطية وكم هو مؤسف أننا لم نحسن التعامل مع هذا الإنجاز واستغلاله لخدمة الشعب والوطن وإنما حولناه للتقاتل فيما بيننا وبث من خلاله روح الكراهية والانتقام من بعضنا.
وإذا كانت العملية الانتخابية تمثل روح النهج الديمقراطي وتتويجًا له فإنها تعتبر إطاراً تلتقي عنده الأحزاب والتنظيمات السياسية من مختلف ألوان الطيف لخوض منافسة شريفة وهو ما يميز الديمقراطية الحقيقية حينما تمارس بصدق وشفافية تجعل من منظمات المجتمع المدني التي لا رقيب عليها سوى رقابة الضمير البشري، شرط أن يكون هذا الضمير متحررا من كل الأنانيات وعاد إلى حقيقته الطبيعية وهي الصدق والأمانة، أن تقوم بدورها على أكمل وجه، ومن هذا المنطلق يجب على كل منظمات المجتمع المدني في اليمن أن تقوم بدورها كشريك فاعل إلى جانب القطاعات الرسمية في تنمية الوعي بأهمية حقوق الإنسان والممارسة الديمقراطية الحقة لدى المواطن اليمني ومقاومة العدوان وبدون هذا التكامل سنظل نغرد خارج السرب مهما ادعينا أو ضحكنا على أنفسنا أننا نسير في الطريق الصحيح.