بوح اليراع: يعقوب (الحاخام) ضيفًا على نظام البلد الحرام
منذ أن كان العرب والمسلمون ينظرون إلى أيِّ تقارب مع الكيان الصهيوني على أنهُ جُرمٍ فظيع، لم يكن نظام "آل سعود" في منأى عن مُعتملات التطبيع،
فكل القرائن دالة على أنَّ هذا النظام نشأ -منذ أول عام له- على أساس من العمالة والتبعية للغرب "الصهيوصليبي” الذي عمل على زرع الكيان الصهيوني شوكةً خبيثةً في خاصرة العالم العربي والإسلامي.
وإذا سلمنا -نزولا عند كثرة القرائن التي ارتقت -بتكاثرها وتضافرها- إلى مستوى الأدلة- بعمالة هذا النظام للغرب "الصهيوصليبي” الذي يضمر الحقد والعداوة للعروبة والإسلام على الدوام، فسنخلُص إلى حقيقة أن "مملكة آل سعود" توأمٌ ضمني للكيان الصهيوني الذي تشكَّل برعاية وعناية عدو الإسلام اللدود من متطرفي وغُلاة اليهود.
تأريخية ارتباط "آل سعود" بصهاينة اليهود
ممَّا تقدم سرده تتكوَّن في الأذهان صورة قديمة متجددة تعكس -بتجانس ألوان طيفها المتعددة- ما يسود علاقة الكيانين المتبنَّيين صليبيًّا من حميمية ومودة، وتعكس ما يقتضيه واقعهما المُتسم بضمنية "التَّتَوْءُم" من ضرورة تبادل التسانُد على اعتبار أنهما -نتيجة ما بينهما من تعاضُد- وجهان لكيانٍ سياسيٍّ واحد.
وقد كان يُرجح في ما مضى مثلما بات مؤكدًا في زمننا هذا أن نظام "آل سعود" متورط -على مدى عقود- في ترسيخ كيان الصهاينة اليهود من خلال إمدادهِم السخي -بسرية مطلقة- بالأموال التي جعلتهم -على الدوام- القوة الإقليمية المتفوقة.
وفي ضوء هذه المعطيات المتساوقة لا نستبعد بقدر ما نؤكد أن "نظام المملكة" قد لعلب دور الوسيط والمنسق لما عُزِّزَ به موقف الكيان الإقليمي من تطبيع سابق ["كامب ديفيد" المصرية، و"وادي عربة" الأردنية] مثلما لعب -مؤخرًا- دور المحفز والمشجع على ما حصل وما سيحصل من تطبيع لاحق "اتفاقيتي التطبيع اللتين وقعتهما السلطات الإماراتية والبحرينية"، وما بات وشيكًا من توقيع "اتفاقية تطبيع من قبل السلطات السودانية"، وما كان لنظام أن يتوسط وينسق إلا في أمر هو إليه -بطبيعة الحال- أسبق، بيد أن خصوصية وقوع الحرمين الشريفين ضمن نطاقها الجغرافي تحتم عليها إبقاء تطبيعها في الطور الخفي.
تلقف زوار صهاينة بحفاوة وملاينة
بالرغم من قِدَمِ الشكوك بارتباط "آل سعود" و"الدولة الصهيونية" بعلاقات بينية متينة، فقد تطورت تلك الشكوك التي كانت مجرد تخمينات -منذ عقد التسعينات- إلى تسريبات مدعومة بالقرائن بحصول زيارات متبادلة مكثفة يرجح أن من أبرز نتائجها المؤسفة حدوث موجة التطبيع العاصفة والإعلان عن "صفقة القرن" الترامبية المجحفة.
وممَّا بات يعزز مصداقية تلك التسريبات ما هو متداول اليوم من فيديوهات تؤكد تدنُّس بلاد الحرمين -بين الحين والحين- بـ"حاخام صهيوني" دلت عبارات أحدهم الدعائية التوراتية بأنهم من المستقدمين الرسميين بصفتهم رجال دين، أما ترنم ذلك الحاخام بذلك الهذيان باعتباره دعاء بالتزامن مع خروج "محمد بن سلمان" من المشفى وورود اسمه ضمنه فيوحى أن غاية استقدام ذلك الحاخام هي تبرُّك الأمير المذكور به وبدعائهِ لـ"سموِّهِ" بالشفاء.
أما ثالثة الأثافي والدليل التطبيعي الكافي فهو ذلك الفيديو المتداول منذ أيام لمواطن سعودي يسير في العاصمة السعودية "الرياض" بسيارته مصطحبٌا "حاخامًا صهيونيًّا" مبديًا لهُ من حرارة الترحيب ما يُدخل الطفل -من هول ما شاف من صنع غريب- في طور المشيب، فقد نشرت الصحفية "جمانة أحمد" في موقع "عربي 21" يوم الأربعاء الموافق 20 أكتوبر حول ذلك الفيديو هذا الخبر: (تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو لتجوُّل حاخام يهودي في الرياض مع أحد المواطنين السعوديين.
وكان الحاخام المدعو "يعقوب يسرائيل هرتسوغ" قد قال في تصريحات صحفية سابقة أنه سيكون -قريبًا- أول حاخام لليهود في السعودية، لأن فيها جالية يهودية كبيرة "من اليهود الأمريكيين المنخرطين في صفوف القوات المتواجدة بالمملكة".
وأعرب النشطاء عن غضبهم من المقطع المتداول، مؤكدين أن تلك الزيارة تعد "فضيحة" للسلطات السعودية، مطالبين "علماء المملكة" بإعلان رأيهم في هذه الزيارة.
وفي المقطع، ظهر الحاخام وهو يرتدي زيه الديني في سيارة شخص يقول مبتهجٌا: "الحاخام معانا ونشكر الله أن الحاخام معانا وأننا شفناه عندنا"، وقال الحاخام -بدوره- في المقطع: "السلام عليكم الله يبارك فيك، أنا أبارك السعودية والملك سلمان ومحمد بن سلمان وكل السعوديين.. وحفظكم الله".
فيما أردف الشخص السعودي -بنبرة حميمية-: "كلنا نحبك يا حاخام".
وتداول النشطاء أيضًا تغريدة للصحفي "إيدي كوهين" نشر خلالها صورًا لتجوُّل الحاخام "يعقوب"، وهو يقول: "لكل من لا يصدق، مرفق صور الحاخام في قلب السعودية، نعم لحرية الأديان واحترامها نعم للتطبيع والسلام، لا للكراهية").
وما كان لذلك المواطن السعودي أن يمطر ذلك الحاخام اليهودي بذلك الكمِّ الجمِّ من الحفاوة والإكرام دون موافقة وتشجيع النظام، ومن يدري لعل الحاخامَ نازلٌ في ضيافةِ نظامِ البلدِ الحرام إلى أن يبدأ بالقيامِ بما سبقت إشارتُه إليه -منذ قرابة نصف عام- من مهام.