لماذا نحب النبي , وكيف يجب أن يكون حبنا له ؟.( 2 )
ذكرنا في الحلقة الأولى بأن الله قد أنعم ومن علينا بنبيه المصطفي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنه لا يعرف قدر هذه المنة حق المعرفة والإدراك
ويقدرها حق قدرها إلا من عاصر هذا الرسول وعاش معه من أهله وصحابته لأنهم قارنوا بين ما كانوا عليه من جاهلية جهلاء وما نقلهم إليه من هداية وأنوار وسعادات فلهذا جاءوا جيلاً فريداً في كل شيء رضوان الله عليهم فهم جيل فريد في حبهم لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم جيل فريد في عملهم بهذا الدين العظيم وفي جهادهم في سبيل الله وتضحيتهم وفي أخلاقهم وفي كل شأنهم ..
فلهذا يجب علينا أن نحبهم لأن الأمر يتسلسل فلن يستقيم لنا حب الحبيب محمد إلا إذا أحببنا أهل بيته وصحابته ولن يستقيم لنا حب الله جل جلاله إلا إذا أحببنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله .
5) تحب هذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأن الله أوجب عليك وعلى الأمة بأسرها أوجب على الجميع محبته.
فتأمل معي قول الله سبحانه وتعالى حيث يقول ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين ) [سورة التوبة 24]
فهي محبة يجب أن تكون راجحة لله ولرسوله وإلا فالتهديد لنا من الجبار (فتربصوا) أي انتظروا ما يحل بكم من العقاب (والله لا يهدي القوم الفاسقين) أي وأنتم فسقة ظلمة خارجين عن طاعة الله إذا قدمتم على محبة الله ورسوله شيئاً من المذكورات في الآية ونؤكد ونكرر أن هذه الآية الكريمة أعظم دليل على وجوب محبة الله ورسوله وعلى تقديمها على محبة كل شيء , وفي الآية دلالة كذلك على الوعيد الشديد والمقت الأكيد على من كان شيء من المذكورات في الآية أحب إليه من الله ورسوله وجهاد في سبيله , وقد أكد الله العظيم جل جلاله وجوب محبة الرسول صلى الله عليه وآلة وسلم بأن
1- أوجب علينا طاعته وجعلها طريقاً إلى رحمته فقال : ( وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ) آل عمران 132
2- وأوجب علينا طاعته وجعلها طريقاً لآن نهتدي فقال سبحانه : ( قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما تحملون وإن تطيعوا تهتدوا وما على الرسول إلا لبلاغ المبين ) 45سورة النور .
3- وجعل طاعة هذا الرسول صلى الله عليه واله وسلم هي عين طاعته جل شأنه فقال : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً ). " 80 سورة النساء "
4- وجعل الله "حبيبنا الأعظم " عظم سلطانه جعل طاعة هذا الرسول الحبيب صلى الله عليه واله وسلم سبباً في فوزنا وسعادتنا فقال سبحانه وتعالى ( ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ) " سورة النور52".
5 - بل جعل في طاعته صلى الله عليه وسلم سبباً موصلاً بالاجتماع بصفوة الخلق من الأنبياء والصديقين والشهداء والاجتماع بهم في جنات النعيم والأنس بقربهم في جوار رب العالمين فقال جل من قائل عليم : ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماً ) " سورة النساء آية 69- 70 " .
1- وأمرنا سبحانه وتعالى بأن نستجيب لأمره ونبتعد عن كل ما نهانا عنه فقال جل شأنه : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) " سورة الحشر آية 7 " .
2- كما جعل الله جل شأنه هذا الرسول صلى الله عليه واله وسلم قدوة لنا فقال : (لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنة لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ). " الأحزاب 21 ".
1) لماذا نحب الحبيب المصطفى محمد صلى عليه وآله وسلم : نحبه لأنه يحبنا والشاهد على ذلك ما يلي:
1) فهو يود لو رآنا .
2) يشق عليه مشقتنا حريص علينا بنا رءوف رحيم . قال تعالى في كتابه الكريم : ( لقد جاءكم رسول ٌ من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم (. " سورة التوبة 28 " . فقد يعمل الأمر ثم يتركه خشية أن يفرض علينا مثل (صلاة التراويح ). . فقد لا يأمر به ابتداءً حتى لا يشق علينا كقوله عليه الصلاة والسلام :) لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة وفي رواية وعند كل وضوء )
3) وإذا سجد يوم القيامة تحت العرش ليشفع في أهل الموقف فيقال له " يا محمد ارفع رأسك واسأل تُعطى وشفع تشفع " فيرفع رأسه ويقول : أمتي أمتي يا رب فما كان يهمه إلا أمر أمته فلم يقل أهل بيتي أو أبنتي فاطمه .
2) لماذا لا نحبه وقد كمله الله خلقاً وخُلقاً فالكل يجد فيه القدرة في جميع الأحوال والنواحي وأعطاه الله من المعجزات والبينات ما لا يحصى وما لم يعط أحداً من قبله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا نحن نحب الجميل لجمال شكله الظاهر فقط .. فكيف بمن أعطى الجمال كله صلى الله عليه واله , وأما عن أخلاقه فهذا أمر شرحه يطول ويكفي أن الله وصف أخلاقه بوصف جامع شامل عظيم كريم فقال جل شأنه سبحانه الكريم ( وإنك لعلى خلق عظيم ) " سورة القلم 7 " وقد آمن به خلق كثير متأثرين بخُلقه صلى الله عليه وسلم ومثال ذلك : حلمه , تواضعه , شجاعته , زهده ولينه , وتعظيمه لربه ودوام ذكره له وعبادته وشكره لربه واستعلاؤه على حطام الدنيا وجميع مغرياتها .. إلخ مما لا نستطيع حصراً لهذه الأخلاق الكاملة العالية السامية
3) كيف أخي المسلم لا تحبه صلى الله عليه وآله وسلم وقد حبه الكون كله حيوانه ونباته وجماده.. فقد شكا إليه الجمل, وشهدت له الشجرة وسلم عليه الحجر وحن إليه الجذع صلوات ربي وسلامه عليه.
4) لابد لنا يا أخي أن نحب هذا الحبيب النبي الخاتم وذلك لأن ايماننا لن يكمل إلا بمحبته لقوله صلى الله عليه واله وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده ومن الناس أجمعين . " متفق عليه " .
وليس حبه ضروري فقط في كمال إيماننا بل حتى حلاوة الإيمان لن نجدها إلا بمحبته لقوله عليه الصلاة والسلام : ( ثلاث من كُن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان وذكر منها أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ..)
"يتبع الحلقة الثالثة أن شاء الله تعالى."