كتابات | آراء

البحر الأحمر ملتقى الأطماع الاستعمارية: (85)

البحر الأحمر ملتقى الأطماع الاستعمارية: (85)

فقد أتفق أنه وصل العلم بوصول مراكب المجورين إلى بندر المخا وطلبوا من مولانا السلطان الذمة والأمان فلما علم مولانا السلطان بذلك تعطف عليهم بالشفقة والذمة..

فطابت نفوسهم ووأدخلوا ما معهم من التحف ووصلوا إلى الباب الشريف في زبيدالمحروس فقابلهم مولانا السلطان بكل خير وتغاضى على قبيح فعلهم ولازالت عوائده جميلة ومراحمه جسيمة وذلك في شهر محرم الحرام سنة 833هجرية وفي نفس العام وصل المبشرون بالمسيحية فقد قبض عليهم مركب الديوان من الإسطول الرسولي في باب المندب وكذلك مركب آخر ظفر عليه في باب المندب من سُمطري وعليه المجورين فقبضوا عليه وأرسلوه مع ما فيه وأرسلوا به إلى الثغر المحروس تحت الحفظ وذلك في سنة 833هجرية. هذا ولم تكون مطاردة المجورين بالأمر السهل فقد كانت تقع معارك شديدة بين عسكر السلطان والمجورين والقراصنة حتى في بعضها كانت تقع خسائر كبيرة من الطرفين ففي وقعة  ميون بباب المندب وصل مركب المجوريين جوار الجزيرة وشاهد المركب السلطاني فهرب فتبعه الأمير  سيف الدين سنقر ثم وصل مركب ثاني للمجورين  ولحقه الأمير النقيب شجاع الدين عمر بن مسعود  وظفرو بالمركب وقتلوا الناخوذة  وأسروا الباقين  غير أن هذه المعركة قد أدت الى حرق السفينتين معاً وغرقهما وموت أغلب الراكبين بما فيهم الأمير النقيب مسعود والكثير من عسكر السلطان.. لنفهم كم كانت مهمة تأمين الملاحة في حوض البحر الأحمر وخليج عدن  والبحر العربي حتى مضيق هرمز فقد توطد الأمن والامان بفضل الأسطول البحري للدولة الرسولية التي كانت تهتم بتحديثه باستمرار وقد كان عساكر هذا الأسطول يختارون بعناية  فائقة.. فقد كانت مهمة هذ الإسطول تبدأ من جزر فرسان مروراً  بكمران , والحديدة وكل الجزر والمخا ء وباب المندب وخليج عدن وحتى جزر كوريا موريا  عند طرف بحر الهند.. فقد كانت هذه السفن تجوب البحار على طولها وعرضها بغرض تأمين التجارة من القراصنة وقد فرضت سيادة الدولة الرسولية على عرض البحر وأمنة التجارة الشرقية بخسائر ومعارك كانت تتم بين السفن السلطانية وسفن الفراصنة وحين كانت تفلت سفينة من ثغر كانت تلتقي بها سفن الحراسة في الثغر التالي فتصدم بالسفن السلطانية ويتم القبض عليها وقيادتها بما فيها إلى البندر الجديد بزبيد المحروسة.. وقد يلفت النظر بعض التعبيرات في المخطوط الخاصة بالسفن التي كانت تغرق في البحر أثناء الواجب فقد نعت بعضها بمركب الديوان , وبالمركب الناصري و بالمركب السلطاني.. وكيف ما كان الأمر فقد كانت هذه هي صورة العلاقات الخارجية وطبيعة النشاط البحري للدولة الرسولية , وكانت هذه هي صورة العلاقات الخارجية وطبيعة النشاط البحري للدولة الرسولية وكانت هي الصورة لتلك الدول القوية التي ظهرت في اليمن منذ ظهور الإسلام والتي أعطت التفاتاً خاصاً لسواحله , واستغلالاً طيباً لموقعه وقد تعمدنا نقل تلك الاقتباسات بنصها من هذه المخطوطة حتى تتضح طبيعة العصر وإسلوبه , ويظهر لنا مدى الاهتمام بالبحر نظراً للفوائد الكثيرة التي تجني من وراء هذا الإهتمام من الناحية الاقتصادية والناحية السياسية .
وقد تبين لنا من خلال تلك النصوص أن "جزيرة زقر" كانت تحت أيدي الرسوليين كما اتضح عند القبص على "المجورين"  فيها  , وكما امتدت أيديهم كذلك إلى باقي الجزر الهامة مثل جزر فرسان ودهلك وغيرها بدليل ما كان لهم من نفوذ في جنوب البحر الأحمر وسواحله الغربية.
ولا يهمنا هنا كثيراً ما قيل عن أن الدولة الرسولية كانت دولة غير يمنية , وحقيقة كان الرسوليون بقايا اجهزة وعناصر الحكم الأيوبي في اليمن , لكن الفكر الاسلامي السائد حينذاك كان يلغي تلك الفروق ويساوي بين الناس , كما امتد حكم الرسوليين في اليمن إلى مائتي وخمسين عاماً , وامتدت سيطرتهم من المخلاف السليماني شمالاً إلى عدن وحضرموت ومهرى جنوباً باستثناء بعض المناطق الشمالية التي تمرد فيها بعض الأئمة أحياناً، ودخلوا في صلح مع الرسوليين احياناً أخرى .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا