بوح اليراع: فلسطين الآن بين معاوِل التحامُل وسندان الخُذلان
من المُسلَّم به أن الكيان الصهيوني صنيعة صليبية ضَمِنَ به الغرب الصليبي دوام انفصام عُرا النسيج العربي، لذلك يحظى صهاينة اليهود بدعم صليبي لا محدود.
ولأن هذا الكيان قد زُرع في الأرض المباركة التي تحوي جل مقدسات الإسلام فضلاً عن كونها مسرى سيد الأنام -عليه أفضل الصلاة والسلام-، فإن تطهيرها واجب على كل أبناء الأمة وفي مقدمتهم الأنظمة.
لكن بقدر ما يحظى الكيان المعتدي بدعم غربي منقطع النظير تُمنى المقاومة الفلسطينية المدافعة عن مقدساتنا حتى الرمق الأخير بخذلان عربيٍّ كبير.
تحامُل غربي بنَفَسٍ صليبي
بالرغم من استخفاف الصهيونية بالشرعية الدولية وعدم التزامها بما صدر عنها من قرارات تقضي بوقف الاستيطان، فإن غضَّ الطرف عمَّا تقترفه من أخطاء يحملها على المغالاة في الاستعصاء والمضي في تهويد «القدس» و«الأقصى».
وعلى الرغم من أن توسيع دائرة التهجيرات القسرية قد حمل سلطات الكيان على التعامل من المقدسيين بأساليب بربرية، وبالرغم من أن ردود المقاومة العسكرية جاءت اضطرارية، فقد جاءت ردود الفعل الصليبية الغربية أشد مساندة للجلاد وأشد تحاملا على الضحية، وسأكتفي -للاستشهاد على عدم حيادية المواقف الغربية- بالنماذج التالية:
1 - موقف وزير خارجية الاتحاد الأوروبي المحابي: مع أن «جوزيب بوريل» وزير خارجية الاتحاد الأوروبي قد استهل بيانه -على سبيل ذرِّ الرماد في العيون- بدعوة الجانبين إلى وقف العنف الذي سيتضرر منه المدنيون متجاهلا الفارق الهائل بين تسليح دولة الكيان وتسليح الفصائل، فقد نمَّ عن تحيز مقزز، إذ ختمه -بمساندة العنجهية والصلف وبالتحامُل على الطرف الأضعف- بقوله: (ندين الهجمات الصاروخية لـ«حماس» ومجموعات إرهابية أخرى على الأراضي الإسرائيلية، وندعم بالكامل حق «إسرائيل» في الدفاع عن نفسها).
2 - تحامُل أمريكي بنوعٍ من التذاكي: برغم ما صاحب فوز الرئيس «جو بايُدن» من حملة إعلامية توهم بأن مرحلته ستحفل بالدفاع عن حقوق الإنسان أيًّا كان، فإن المواجهات الحاصلة في الأراضي المحتلة قد فضحت مظاهر انحيازه ونسفت وهم إنجازه، فمع ما عمد إليه من تكرار المطالبة بوقف إطلاق النار هاتف «نتنياهو» -في الأسبوع الذي فات- 5 مرات أوحت سريَّتها المفبركة بأنه يطمئن على إمكانية حسمه للمعركة، فضلا عن أنه أعاق -خلال 5 أيام- ثلاثة بيانات أممية تفتقر إلى صفة الإلزامية، أما ناطق الخارجية الأمريكية فقد كرر -من وقت إلى آخر- عبارة: (ندين الهجمات الصاروخية لحركة «حماس» الإرهابية، وندعم حق «إسرائيل» في الدفاع عن نفسها).
3 - موقف ألماني متحامِل ومحابٍ للباطل: أما ألمانيا من جانبها -وبذريعة إسهامها بما يلعبه الاتحاد الأوروبي من أدوار إنسانية للتخفيف من معاناة الشرائح المدنية- فقد نددت كلمة وزير خارجيتها «هايكو ماس» في اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد لمناقشة الوضع الإنساني في غزة والأراضي المحتلة بالهجمات الصاروخية التي تطلقها حركة المقاومة الإسلامية «حماس» من غزة على إسرائيل، وأكدت على حق «إسرائيل» في الدفاع عن نفسها.
4 - موقف فرنسي متحامِل ورئيس مجامل: وبالرغم من أن «ماكرون» الرئيس الفرنسي قد اشترك مع نظيره المصري «السيسي» في صياغة مبادرة لوقف إطلاق النار متصنعًا -لحساسية مكانته القيادية- موقف الحيادية، فقد حظي بيان خارجية الاتحاد الأوروبي المتحامِل على المقاومة الفلسطينية بمباركته الشخصية التي عبر عنها وزير خارجيته بمنتهى الشفافية.
خذلان الأعراب أكبر مُصاب
بالرغم من أن جميع المواجهات التي تخوضها المقاومة الفلسطينية مع الكيان منذ ثمانينات القرن الماضي وإلى الآن لم تحظ من جميع الأنظمة العربية بغير الخذلان، إلا أن المطبعين الجدد الآخذين في التهوُّد باتوا يخوضون المعركة إلى جانب الكيان دون تردد، سأشير في السطور الآتية إلى بعض الفضائح السعودية الإماراتية:
1 - موقف سعودي شبه مسؤول بخذلان مهول:
ما أكثر ما تلجأ سلطات آل «سلول» -مراعاة لحساسية موقعها من أهم المقدسات الإسلامية- إلى تسريب آرائها المساندة للصهيونية والخاذلة للقضية الفلسطينية عبر تغريدات أو فيديوهات لأشخاص يبلغ بهم انعدام الحياء حدَّ نشرها على الملأ على أنها معبرة عن آرائهم الشخصية، بينما هي تعكس التوجهات الرسمية، إذ كيف لتلك الشخصيات أن تصدم الأوساط الجماهيرية بوجهات نظر صهيوعبرية في بلد ليس فيه أضيق هامش حرية ما لم تحظ بموافقة سلطوية ضمنية؟!
فقد انتشر في مواقع التواصل -بالتزامن مع بدئ ردود فصائل المقاومة على آخر عداون للكيان- فيديو لإعلامي سعودي غير مشهور ينفي عروبة الفلسطينيين، ويزعم أن الصهاينة أقرب منهم للعرب، مدعيًا أن الغالبية الفلسطينية من أصول رومانية، بل لقد بلغ به الحقد على إخواننا الفلسطينيين اتهام الصهيوني المتطرف «نتنياهو» بالتهاون معهم حاثًّا إياه على إبادتهم الشاملة بصورة عاجلة.
2 - انحياز إماراتي إلى الطرف التوراتي:
أما نظام دولة الإمارات الذي بلغ ولاؤه وتطبيع علاقته بدولة الكيان حالة غير مسبوقة من الإعلان، فلم يكتفِ بالخذلان بل لقد أصبح -وإن بصورةٍ غير مدركة- عنصرٌا مؤثرٌا في المعركة.
فقد أوردت قناة «العالم»: (وقال حساب «بدون ظل» الذي يديره ضابط في الأمن الإماراتي: إن ابن زايد وافق على مشاركة القوات الجوية الإماراتية مع القوات الإسرائيلية في استهداف مناطق الفصائل الفلسطينية في غزة، وأضاف الحساب أنه أمر جميع الإماراتيين المتحدثين باللغة العبرية بالدفاع عن الإسرائيليين في جميع مواقع التواصل الاجتماعي).
وبحسب موقع «إمارات ليكس» فقد (لوحظ أن الصحف الإماراتية تجاهلت تمامًا ما يحدث في «المسجد الأقصى» والاعتداءات الإسرائيلية على مصلييه).
وفي السياق الإماراتي الخاذل عمم الإماراتي «فهد الشليمي» مقطع فيديو يحمِّل حركة «حماس» تبعات ما سينجم عن التقاتُل الحاصل مبرئًا سلطات الكيان من الابتداء بالعدوان.