الوحدة شموخ وإباء اليمانيين..!!
يأتي احتفاؤنا هذا العام بذكرى العيد الحادي والثلاثين للوحدة اليمنية المجيدة وسط أوضاع سياسية متشابكة.. ومتغيرات جيوستراتيجية معقدة لما يمر به الوطن من حربٍ عدوانيةٍ غاشمةٍ
أهلكت الحرث والنسل.. ودفع ثمنها كل أبناء الشعب اليمني شمالاً وجنوباً.. وستظل آثارها محفورةً في ذاكرة الأجيال.. جيلاً عن جيل..
وحري بنا اليوم أن نستشعر الأهمية العظيمة للوحدة الوطنية، التي أعطت لليمن زخماً وطنياً وعربياً وإقليمياً، وأنهت مآسي عقود مظلمة من التشطير والصراعات والاقتتال بين أبناء الوطن الواحد.. فهي بحق تُعد أعظم وأسمى انجاز تحقق لليمن أرضاً وإنساناً وهويةً.. ولهذا يجب أن تُصان في حدقات أعيننا.. وعلى كافة الكوادر الحزبية والسياسية والوطنية أن يحافظوا عليها، وأن يعملوا على معالجة السلبيات والأخطاء التي أفرزتها طبيعة المرحلة الراهنة.. ولا نحمل وحدتنا العظيمة أخطاء من أساؤوا إليها..
إن إصلاح مسار الوحدة يحتاج الى تكاتف كل القوى الوطنية المخلصة الوطنية، وكل الكفاءات الفكرية والعلمية للخروج من الأزمة الراهنة، والنأي بها عن مربع الصراعات.. ودائرة الاقتتال.. فأي دعوات للانفصال أو إشعال الفتن بين أبناء الوطن الواحد هي بمثابة العودة الى التمزق والتشرذم، والاقتتال، ولن يجني من ورائها الشعب اليمني سوى الاحتراب والفتن والتقوقع في بوتقة الكيانات المتناحرة.. والطوائف المتصارعة، الذي يدفع ثمنها كل أبناء الوطن شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً..
لكن رغم هذا وذاك تظل الوحدة المباركة شمسها ساطعة.. وجذورها راسخة رسوخ الجبال الشامخة.. بل ومحروسة بعناية الله سبحانه وتعالى، ثم بإرادة وعزيمة ووعي كل أبناء الوطن في الداخل والخارج..
وليكن في علم القاصي والداني أن أوضاع اليمن لم ولن يستقيم عودها إلا بالوحدة والحوار المسؤول الجاد، ولابد من نشر قيم ومبادئ الإخوة والمحبة والسلام، ونبذ العنف والكراهية والبغضاء، لترسيخ مبادئ التسامح والمصالحة الوطنية..
فالعيد الحادي والثلاثون للوحدة المباركة يأتي هذا العام في ظل أوضاع خانقة.. وظروف قاهرة.. وأجواء قاتمة.. ولهذا فإن الواجب علينا كيمنيين أن نصون وحدتنا، ونعضُّ عليها بالنواجذ من كيد الكائدين.. ومكر الماكرين.. وأن يكون شعارنا في هذه المرحلة الحاسمة في تاريخ اليمن المعاصر هو التسامح والمصالحة الوطنية، وتناسي جراحات الماضي وآلامه.. وأن لا نجعل مما حصل أياً كان، سبباً للاقتتال والتمزق والتشرذم، وسفكاً للدماء والأرواح.. وتدمير الوطن.. فبأيدينا كل الحلول.. وأبناء اليمن أدرى بشعابها وجبالها ووعورة مسالكها.. فلنداو جراحنا بأنفسنا.. ولنحافظ على وحدتنا.. فأهل اليمن أهل إيمان وحكمة، كما وصفهم رسولنا الكريم عليه وآله الصلاة والسلام: "الإيمان يمان، والحكمة يمانية"..
لذا علينا أن ننأى عن الصراعات الطائفية.. والنعرات المناطقية والولاءات الضيقة أياً كانت لأنها ستؤدي في نهاية المطاف الى برك من الدماء.. مصداقاً لقوله تبارك وتعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)..
لذا لابد من كلمةٍ سواء بيننا، لحماية الوطن، وصون وحدته..
هناك أطراف إقليمية تحاول بشتى السبل إدخال اليمن في مربعات الخلافات الطائفية.. والصراعات المذهبية كي يحلو لها تمزيقه، وتجزئته الى كانتونات ومشيخات متنافرة.. حتى تتحقق مآربها وأهدافها الآنية الطامعة في الاستيلاء على ثروات وموانئ اليمن..
لذا علينا أن نفيق من سباتنا العميق قبل فوات الأوان.. وأن ندرك حجم المؤامرة على اليمن ووحدته، فعظمة اليمن وقوته وصلابته تكمن في وحدته، وتوحيد كلمته، ورص صفوفه.. دون ذلك سيتسع الرتق على الراتق.. ونغوص في بحرٍ لجي من الأمواج.. تغشاه الأمواج من كل مكان..
لهذا يجب أن نحافظ على وحدتنا بشرط أن نصحح مسارها حتى يشعر كل مواطن أياً كان موقعه أن الوحدة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من كيانه ووجدانه.. تزهو ألقاً.. وتتألق عنان السماء في حب أزلي سرمدي يعانق كل أبناء الوطن شمالاً وجنوباً..
كلمات مضيئة:
الوحدة الوطنية قدر ومصير الشعب اليمني، بالرغم من بعض الأخطاء والسلبيات التي شوهوا صورتها المارقين المأزومين عبدة الدرهم والدينار، الذين في كل وادٍ يهيمون..
فاليمانيون قدموا أعظم منجز.. وتجربة فريدة.. في المنطقة.. ولكن أيادي الغدر والمكر والخداع من بعران الخليج أبت إلا أن تضع أمامها السدود والمتارس والخنادق حتى تسوقها نحو الانزلاق الى هاوية العنف والصراعات بين أبناء الوطن الواحد..
وعلينا أن ندرك أن الوحدة الوطنية هي صمام أمن اليمن نحو بناء الدولة المدنية الحديثة.. دولة العدالة، والمواطنة المتساوية، وسيادة القانون القائمة على مبادئ الحكم الرشيد.