بوح اليراع: آل زايد وآل سعود واستمرار صعود الليكود
ممَّا لا يختلف حوله منصفان أن فكرة تأسيس الحركة الصهيونية تقوم على أساس من العنصرية المنطلقة من عُقدة الاستعلاء على سائر السلالات البشرية،
فما أكثر ما يجتهد الكبار في حشو عقول الصغار بجملة من القناعات والأفكار التي ترسخ في وعيهم وفي لا وعيهم فكرة (أن اليهود شعب الله المختار)، وانطلاقًا من هذه الفكرة المتنافية مع منطقية العقل وسلامة الفطرة، لا يرون لغيرهم من أبناء البشرية حقَّا في الحياة إلا بقدر ما يترتب عليهم من مردود نفعي وبقدر ما تصب حياتهم في دعم مشروعهم الاحتلالي التوسعي.
لذلك نجد قادتهم السياسيين يسابقون قادتهم العسكريين في سفك دماء المدنيين الفلسطينيين على مدى عشرات السنين زاعمين أن تلك الجرائم التي يندى لها الجبين لا تتعدى كونها ترجمة لما بين أيديهم من نصوص الدين.
ممَّا سبق يتضح لنا أن الصهاينة الأكثر التصاقًا بالنسخة التوراتية التلمودية المحرَّفة هم أشد أبناء جنسهم تعنصُرًا وعجرفة وأنهم أكثر تشبثٌا بالرؤى العنصرية المجحفة.
وإذا كانت القاعدة المجتمعية الصهيونية تتوزَّع في انتماءاتها السياسية بين أحزابٍ يسارية تتقمَّص نُخبها دور الحريص على تعايش اليهود والمسلمين في وضع مستتب وأحزاب يمينية دينية يغلب عليها طابع التعصب، فإن حزب "الليكود" الذي يرأسه -على مدى عقود "بنيامين نتنياهو" الصهيوني الحقود هو أشد أحزاب اليسار واليمين تعطُّشًا لسفك دماء المسلمين والعرب، ويعتبر منتسبوه سفك دمائهم والتنكيل بهم -بكل ما استطاعوه من المغالاة- من أفضل القُربات إلى الله.
لعل ما كان يُبديه الشيخ زايد بن سلطان من مبالغة في التعصب لقوميته العربية وما كان يُبديه آل سعود من مبالغة في التعصب لديانتهم الإسلامية يندرج في سياق التعمية على ما تنطوي عليه سرائرهم من شعور ودود تجاه الصهاينة اليهود، فقد كشفت المتغيرات الراهنة أن ما حظيت به القضية الفلسطينية من كلا النظامين من تعصب كاذب لم يكن سوى نوع من المداهنة، إذ لم تعد تخفى متانة علاقة النظامين بأشد قادة الكيان الصهيوني تطرُّفا الذي ما كان له ولحزبه أن يحافظا على الفوز في جولات انتخابية عديدة لولا ارتباطه بذينك النظامين النفطيين بعلاقة وطيدة، (فنتنياهو أكثر رؤساء وزراء إسرائيل بقاءً في المنصب)، وهو بقاءٌ خاضعٌ -جماهيريًّا- لحساب الخسارة والمكسب، إذ أنه أول مسؤول صهيوني يتمكن من كسر طوق المقاطعة العربية الذي كان مفروضًا على كيانه الغاصب محققٌا الكثير من المكاسب.
فمنذ أن آلت مقاليد السلطة في كلا البلدين إلى المحمدين "محمد بن زايد ومحمد بن سلمان" بدأ النظامان والكيان تبادل الزيارات السرية الهادفة إلى ترتيب تنسيقات أمنية وتبادُل المعلومات الاستخباراتية، وكان من نتائجها توقيع اتفاقية تطبيع العلاقات بين نظام الإمارات وبين العدو الصهيوني اليهودي التي تمت بدعم ضمني سعودي.
ولقد بتنا نلمس بوضوحٍ مُخْتَلِف -قبيل وبعد توقيع تطبيع العلاقات بين دويلة الإمارات والكيان الصهيوني المُتعجرف- دعم السعودية وربيبتها الإمارات لليمين الصهيوني المتطرف، فقد اتخذ "نتنياهو" (من مسعاه لإقامة علاقات جديدة في منطقة الخليج محورًا لحملته الانتخابية في المنافسة التي تشهد استقطابًا سياسيًّا)، كما تعمَّد –من ناحية أخرى- (بإقحام اسم ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، في تجمعاته الانتخابية، مسندًا لنفسه الفضل في مشاريع استثمارية إماراتية بمليارات الدولارات في إسرائيل، ومشيرًا إلى أنَّ خصومه لا يملكون ذلك النفوذ).
وفي السياق ذاته يقول الكاتب والباحث "بلال التليدي": (إن الإمارات تريد ¬– بخطوتها التطبيعية- أن تستثمر حاجيات السياق الانتخابي الإسرائيلي، وتضع نفسها في الموقع الذي يجعلها ترصد مكتسبات مهمة في حالة نجاح رهانها في دعم اليمين المتطرف).
ثُمَّ يُضيف: (الإمارات تهدف من دعمها اللامحدود لـ"نتنياهو" و"الليكود" إلى الحفاظ على مواقعها الجديدة في كل من اليمن وليبيا، وتقوية استراتيجيتها في منطقة شمال إفريقيا، ولن يتحقق لها ذلك إلا من خلال البحث عن تأييد أمريكي إسرائيلي قوي، وذلك لا يتأتى إلا مع صعود اليمين المتطرف).
ومن ناحيته يسعى زعيم حزب الليكود اليميني المتطرف "بنيامين نتنياهو" (لتوظيف التطبيع في أجنداته الداخلية الخارجية، من خلال جر "أبوظبي" إلى تدشين سلسلة من المشاريع الاستراتيجية التي تخدم الاحتلال، لعل آخر تلك المشاريع ما كشفه "آفي سمحون" رئيس المجلس الاقتصادي في ديوان حكومة الاحتلال ربط "حيفا" و"أبوظبي" بسكة حديد تمر بالأردن والسعودية، وتدشين ميناء عميق في "إيلات" الذي سيلحق ضررًا مُتعمَّدًا بالموانئ المصرية المطلة على قناة السويس، ومشاريع مشتركة بين نظامي "أبوظبي و"الرياض" وحكومة "الكيان" في السودان).
ومن المؤسف (أن المشاريع التي كشف عنها المسؤول الصهيوني والتي ستقوم على تخطيط صهيوني وتمويل إماراتي تهدف إلى تحسين مكانة إسرائيل الإقليمية).
ثُمَّ إنَّ برنامج زيارة" نتنياهو" للإمارات التي لم يُحدد موعدها إلى الآن يضم -إلى جانب "محمد بن زايد"- نظيرهُ "محمد بن سلمان".