اليمن ... لعبة الدم والموت إلى أين؟!.. ( 72 )
وفي مقاله المنشور بصحيفة " نيويوك تايمز " الأمريكية في وقت سابق من الشهر المنصرم عن عودة الديبلوماسية إلى اليمن بعد ست سنوات من الحرب الضروس التي مزقت هذا البلد العربي
المضطرب قال المبعوث السابق للأمم المتحدة إلى اليمن الديبلوماسي المغربي جمال بن عمر بالحرف الواحد :" يبدو ضروريا للدبلوماسية الأمريكية اليوم أن تجعل مهمتها الأولى تغيير الإطار القائم. ينبغي لواشنطن أن تروج لقرار جديد في مجلس الأمن، يوفر إطارا مختلفا لعملية تفاوضية واسعة وشاملة تضمن مقعدا لكل الأطراف اليمنية، بما فيها الفعاليات المدنية التي نأت بنفسها عن الاقتتال" .
وأضاف المسؤول الدولي :" يجب أن يشمل هذا الإطار الحوثيين. فبغض النظر عن الدور السلبي والمُدان الذي لعبوه في الصراع، إلا أنهم ما يزالون أقوياء. ورغم المليارات من مبيعات الأسلحة لدول التحالف الذي تقوده السعودية، إلا أنهم لا زالوا يسيطرون على نصف البلاد ويواصلون التقدم بين الفينة والأخرى" .
وشدد بن عمر على ضرورة أن تتضمن الصيغة التفاوضية الجديدة حزب التجمع اليمني للإصلاح، النسخة اليمنية للإخوان المسلمين .
وقال :" قد يقول قائل إن مفاوضات سلام بهذه الصيغة لن تؤدي إلا إلى إضفاء الشرعية على كليهما - الحوثي والإصلاح - لكن وسطاء السلام يحتاجون بالضرورة إلى مساحة للتعامل مع جميع الأطراف، بما في ذلك الجهات المثيرة للجدل. فالسلام يصنع مع الأعداء وليس بين الأصدقاء.
وطالب مبعوث الأمم المتحدة السابق لليمن الدول الغربية أن بتشجيع الذين تصفهم بالأصدقاء على العودة إلى المناطق الواقعة تحت سيطرتهم في اليمن.
وقال :" فالجلوس على طاولة المفاوضات لا يمكن أن يتم عن بعد أو عبر الهاتف من منفى مريح، بل يتطلب التواجد على الأرض " .
وأضاف بن عمر :" لايمكن كذلك تجاهل طبقة جديدة من أمراء الحرب والمجموعات المسلحة، بما في ذلك الانفصاليين الجنوبيين - الذين ظهروا بعد اندلاع الحرب بدعم وتمويل من دولة الإمارات العربية المتحدة. كما لا يمكن غض الطرف عن المستفيدين من الحرب الذين يجدون مصلحتهم في إطالة أمدها " .
وفيما يتعلق بالحل السياسي قال :"
لقد أصبح الحقل السياسي في اليمن أكثر تشظيا وتنوعا من أي وقت مضى. فإلى جانب الأحزاب التقليدية والفصائل المسلحة، هنالك أيضا مجموعات شبابية ونسائية ديموقراطية ومدنية. ولهؤلاء جميعا كل الحق في مقعد على طاولة المفاوضات الجديدة " .
وتأكيدا لاستحالة أو تعذر حدوث انفراجة وشيكة أو نجاح مبادرة سلمية هنا يقول بن عمر في مقاله:" قد تبدو هذه العملية معقدة في ظاهرها، لكنها لن تكون بمثابة إعادة اختراع العجلة. فاليمنيون خَبِروا بالفعل خلال مؤتمر الحوار الوطني كيف تبدو عملية سياسية شاملة بقيادة يمنية. لقد استغرق الأمر من جميع المكونات السياسية نحو ستة شهور من الاستعدادات وأكثر من عشرة شهور أخرى من المداولات اليومية للاتفاق على صيغة للحكم الديموقراطي والانتقال السياسي. بعد ذلك، جاء الدور على صياغة مسودة دستور بنفس الآلية التوافقية الشاملة ذات القيادة الوطنية. واليوم أكثر من أي وقت مضى، يبدو من الضروري اتباع هذا النهج التوافقي للوصول باليمن إلى بر السلام " .
وحول طبيعة الدور الأمريكي المفترض لتحقيق السلام في اليمن يؤكد المسؤول الدولي أنه لايمكن لواشنطن أن تتبنى مقاربة قائمة على الإملاءات لفرض صيغة سلام مقترحة هنا.
وقال جمال بن عمر موضحا هذه النقطة:" قد يكون من الطبيعة البشرية محاولة تصحيح الغلط لكن لاينبغي لواشنطن بأي شكل من الأشكال ان تقود العملية السياسية بل عليها ان تلعب دور الراعي الميسر وأن تحاول جلب جميع الأطراف إلى الطاولة وستجد حينها أن الجالسين للتفاوض لن يعدموا الخيارات في ايجاد شخصيات يمنية مرموقة تربطها علاقات مع كل الأطراف, شخصيات يمكنها مساعدة جميع الفرقاء على الإلتقاء والبحث عن حلول وسطـ كما فعل اليمنيون دوما منذ آلاف السنين ".
..... يتبع .....