حديث الإثنين: بناء الإنسان ضرورة وطنية
يستوجب علينا كيمنيين أن نمتلك شجاعتنا الكاملة ونعترف بأننا ارتكبنا أخطاء في حق أنفسنا من اهمها عدم قدرتنا على بناء الإنسان و تحقيق ما كنا نتطلع إليه من حياة حرة كريمة وبناء دولة وطنية
حديثة مازلنا نطالب بها حتى اليوم ولم تتحقق رغم مرور ما يقارب ستة عقود على قيام الثورة .. ولا شك أن مرد هذا الفشل والعجز يعود إلى أننا لم نكن مهيئين لتنفيذ ما تضمنته أهداف الثورة الستة التي أعلنت صبيحة يوم قيا مها وظلت مصلوبة على الورق نتغنى بها إعلاميا..لأننا قمنا بثورة لم نستطع الدفاع عنها فاستعنا بغيرنا ليقوم بهذه المهمة لتدخل بلادنا نتيجة ذلك في حرب ضروس استمرت ثمان سنوات وتحولت الساحة اليمنية إلى ساحة لتصفية حسابات إقليمية ودولية دفع الشعب اليمني ثمنها غالياً .. وعندما تحققت المصالحة الوطنية عام 1970 م واعتقدنا أننا قد ملكنا زمام أمورنا وجدنا أنفسنا برضاءنا واختيارنا تحت رحمة التدخلات الخارجية وصار الجيران الأقربون هم من يتحكم في قرارنا السياسي .
وعندما قام الشهيد إبراهيم الحمدي رحمه الله بحركة 13 يونيو عام 1974م التي كان هدفها الأساس تصحيح المسار وحاول أن يعمل شيئاً يستعيد اليمنيون من خلاله حريتهم وسيادتهم والاعتماد على أنفسهم جاء من تعودوا على الارتماء في أحضان الغير وتخلصوا منه بالقتل فاغتالوا فيه أمل اليمنيين المتمثل في مشروع الدولة الوطنية الحديثة الذي كان يحمله ويبشر به فعادت الأمور إلى أسوأ مما كانت عليه, لتبدأ مرحلة التراجع إلى الخلف وبالتحديد إلى ما قبل ثورة 26 سبتمبر بفارق أننا كنا قبل الثورة رغم التخلف القائم مستقلين بقرارنا ومعتمدين على أنفسنا وكانت الدولة آنذاك في عز ضعفها قوية وقد اكد هذه الحقيقة الدكتور حسن محمد مكي رئيس الوزراء الأسبق رحمه الله في أكثر من حديث أجريته معه ونشُر في صحيفة 26 سبتمبر بحكم معاصرته لتلك المرحلة والمراحل اللاحقة.
ومنذ العام 1978 م من القرن الماضي دخلت اليمن في مرحلة نستطيع أن نطلق عليها جزافا أنها مرحلة اللا دولة استمرت لأكثر من ثلاثة عقود عاش اليمنيون في ظلها وهم لا يعرفون من الذي يحكمهم ولا يدرون ما هي طبيعة الحكم المفروض عليهم جمهوريا أم ملكيا أم مشيخيا أم أن شريعة الغاب هي التي كانت سائدة ! بدليل انه تم اقتسام اليمن ببره وبحره بين أصحاب النفوذ حيث المستوطنات البرية والبحرية تنبئ عن أصحابها من خلال اليافطات التي وضعت عليها للتحذير من الاقتراب منها وأصبح كل شيء ملكاً لهم وكأنهم ورثوه عن آبائهم وأجدادهم .. وقد ساهم المواطن اليمني بسلبيته وعدم نضوج وعيه الوطني في وصول اليمن إلى هذا الوضع المؤسف .
ومع ذلك فما تزال تلك الثقافة التي فرضت على اليمنيين خلال العقود الماضية تلقي بظلالها الثقيلة على ما نعتبره وضعاً جديداً يجعل من الشعب هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في اختيار حكامه والمرجعية الشعبية للحكم.
.. ونعتقد أن الفرصة التي وفرتها ثورة 21 سبتمبر الشعبية عام 2014 م لتحرير اليمن من الوصاية الخارجية والدفاع عن سيادته وحريته واستقلاله لن تتكرر مرة أخرى إذا لم نستغلها جيداً ونعمل من خلالها على بناء دولة يسودها النظام والقانون ويشارك في بنائها الجميع ونجعل من بناء الانسان أولوية وضرورة وطنية.. وكذلك نتخلص من ارث الماضي الذي كنا نعتمد فيه على حل المنازعات المعتمد على الأعراف القبلية والقواعد التقليد ية وهو منطق لا يمكن القبول به حاليا ولا يتماشى مع عملية التغيير التي تمت بفضل قيام ثورة 21 سبتمبر الشعبية التي نأمل من الله ألا يسلط عليها من يلتف على أهدافها حتى لا تواجه مصير الثورة الأم (سبتمبر و أكتوبر) وان يظل ابناء الجيش واللجان الشعبية الذين أوكل إليهم الشعب اليمني مهمة مواجهة العدوان الكوني على اليمن وشعبه العظيم حراساً لثورتهم ومكاسبها المتحققة وأن يعملوا على تحقيق ما تبقى من اهدافها وترجمتها على أرض الواقع .