بوح اليراع:مسيرة "بايُدن" السياسية المُحابية للصهيونية
لعل أهم الأمور المُسلَّمة التي يُفترض أن لا تغيبَ عن أذهان أبناء الأمة المسلِمة أنَّ مساندة الكيان الصهيوني المحتل -منذ الوهلة الأولى لزرعه نبتة خبيثة في فلسطين-
هي أهم القواسم المشتركة بين الحزبين وبين من مضى ومن سيأتي من الرؤساء الأمريكيين بصرف النظر عن توزُّع انتماءاتهم السياسية بين اليسار واليمين، كون إيصال أيِّ رئيس إلى البيت الأبيض -مهما طرأ من تنوُّع صوري على الأسلوب أو الطريقة- حكرٌ على الدولة العميقة الواقعة -إلى مستوى جنوني- تحت تأثير وسيطرة اللوبي الصهيوني.
"بايُدن" والدور المساند بسبق رائد
لعل "جوزيف بايُدن" قد نشأ -شأنه شأن غيره من ماسونيين الجيل- في أجواءٍ من التحريض بشكلٍ خيالي على الإسهام في لعب الدور الرسالي الإنجيلي في سبيل إقامة الكيان الصهيوني "الإسرائيلي"، الأمر الذي جعله يتورَّط في دعم ذلك المُنكر منذ وقت مبكر، فمنذ انخراطه -شابًّا- في العمل السياسي أبدى مساندته لهذا الكيان بتهورٍ قياسي، (فعلى امتداد عضويته المتعاقبة في مجلس الشيوخ الأمريكي عن الحزب الديمقراطي في الفترة 1973- 2009م، كان "بايُدن" من أشدِّ المؤيدين لإسرائيل داخل الحزب، حتى أنَّه حرص بشكلٍ متكرر على زيارة فلسطين المحتلة من أجل الالتقاء بمسؤولين إسرائيليين كي يعبر لهم عن دفاعه الشرس بل الانفعالي عن كيانهم الاحتلالي، وقد كانت نقطة البدء بالنسبة له زيارته الأولى للقاء رئيسة الوزراء الإسرائيلية "غولدا مائير" عقب انتخابه عضوًا في مجلس الشيوخ عام 1973) معبرًا عمَّا انطوت عليه نفسيته من صهينةٍ متجذِّرة منذ نعومة أظافره.
وبالتستُّر بيافطة الحفاظ على المصالح فقد (حرص "بايُدن" -خلال مسيرته السياسية في مجلس الشيوخ التي توّجها برئاسته لجنة العلاقات الخارجية في المجلس في الفترة من 2007 إلى 2009- على التشديد بشكل متكرّر على أهمية وجود الكيان الغاصب شوكة في خاصرة أمة العرب، من أجل حماية المصالح الأمريكية وحماية أمن اليهود في العالم، بوصفها وطنًا قوميًا آمنًا ليهود العالم).
ومن ناحية أخرى سيتضح بجلاء لأي متتبعٍ لسلوك "بايُدن" السياسي طيلة شَغْلِه منصبَ نائب الرئيس الأمريكي الأسبق "باراك أوباما" في الفترة من 2009 إلى 2017 أنه من أبرز رموز الحقبة "الأوبامية" محاباةً للكيان الصهيوني وأشدهم تحاملا على الأمة الإسلامية، فقد (مثل حلقة الوصل بين الإدارتين، الأمريكية والإسرائيلية، بعد توتر العلاقات بين الطرفين إثر توقيع الولايات المتحدة ومجموعة القوى الكبرى اتفاقًا مع إيران حول برنامجها النووي عام 2015، فلعب دورًا تصهيُنيًّا بالغ الأهمية، فهو مهندس العملية التي تمخَّض عنها حصول الدولة العبرية على أكبر هدية في تاريخ العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية، إذ حصلت دولة الكيان -على سبيل الاسترضاء بعد استيائها من تقارب "أوباما" مع طهران- على حزمةٍ من الدعم العسكري قدرت بمبلغ 38 مليار دولار مجدول -بحسب ما تقتضيه البروتوكولات- على 10سنوات، وبارتفاع ملحوظ عن الحزمة التي سبقتها بـ8 مليارات من الدولارات.
تبنِّي قرارات سلفه التَصَهْيُنِيَّة المُجحفة
ففي الوقت الذي توهم بعض الساسة العرب أن يأتي "باين" لإصلاح مفاسد "ترمب" ومراجعة ما أقدم عليه سلفه -في ما يتعلق بالصراع الصهيوني الفلسطيني(العربي)- من خطوات. تحيُّزيَّة مُجحفة، نجده يتبنى -كما رأينا في معظم مهرجاناته الانتخابية- مواقف غايةً في السلبية تذكر بما حفل به تأريخه السياسي من مواقف تَصَهْيُنِيَّة تعصبية، فقد استُهِل أحد أخبار موقع"فرنس24" -ليلة 30 إبريل 2020 المنصرم بما نصه: (تعهد المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية "جو بايُدن" الأربعاء، بإبقاء سفارة بلاده في إسرائيل بالقدس إذا ما فاز برئاسة الولايات المتحدة).
وفي توكيد من إدارة "بايُدن" -فور تسلمها رسميًّا مقاليد السلطة- تتوالى الكثير من التصريحات التي تؤكد إقرارها بما اقترفته سابقتها من غلطة نقل مقر سفارة أمريكا لدى دولة الكيان الصهيوني من مدينة "تل أبيب(تل الزعتر)" إلى مدينة "القدس"، فقد أوردت وكالة "رويترز" -على هامش فعالية تنصيب"جو بايُدن" رئيسًا- قولها: (تعهد "أنتوني بلينكن" مرشح الرئيس الأمريكي المنتخب "جو بايُدن" لمنصب وزير الخارجية، بالإبقاء على الاعتراف الأمريكي بمدينة "القدس" عاصمة لـ"إسرائيل" وبقاء السفارة فيها بصورة دائمة).
وفي الأخير فإن من المثير ما تناولته وسائل الإعلام -باستهجانٍ كبير- من إدانة المُتَصَهْيُن "بايُدن" لـ(كافَّة الدعوات المطالبة بإقرار مشاريع قوانين في الولايات المتحدة تدعو إلى مقاطعة "إسرائيل" وسحب الاستثمارات الأمريكية منها وفرض عقوبات عليها، لأنها تتنافى -على حدِّ زعمه- مع معايير حرية التعبير).