محليات

في ورقة عمل للاستاذ جمال عبد الرحمن الحضرمي :

في ورقة عمل للاستاذ جمال عبد الرحمن الحضرمي :

اقتصاديات الجزر اليمنية في ظل العولمة والتواجد الدولي.. فرص استثمارية ومعوقات جديدة
أكد الاستاذ جمال عبد الرحمن عبد الله الحضرمي مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية والاستثمار، في ورقة العمل الموسومة بـ (اقتصاديات الجزر اليمنية في ظل العولمة والتواجد الدولي.. فرص استثمارية ومعوقات جديدة)

التي قدمها في المؤتمر العلمي الثاني للجزر اليمنية وأهميتها الجيواستراتيجية الذي نظمته جامعة الحديدة في شهر مايو المنصرم، أن العمل على بناء الدولة اليمنية القادرة على حماية ارضها وبحارها وسمائها، وإرساء علاقات دولية وعربية متميزة تحترم السيادة اليمنية وتقبل بالتعاون الدولي الإيجابي، من المتطلبات الاساسية لتنمية اقتصاد الجزر اليمنية واستغلال الفرص الاستثمارية فيها بالشكل الامثل.
وأوصى الباحث الاقتصادي الحضرمي بضرورة الاهتمام ببناء القوات المسلحة البحرية وحرس السواحل بناءً صحيحاً يمكنها من القيام بمهامها الدفاعية والأمنية، بالإضافة إلى انشاء الفنارات والمرافئ البحرية التي تخدم العمل التنموي للجزر مستقبلاً.
ولفت الحضرمي إلى امكانية قيام الجهات المعنية ببعض الأنشطة في المرحلة الراهنة، منها جمع كافة المسوحات العلمية والدراسات السكانية والبيئية للجزر اليمنية السابقة والتوسع في دراستها بما يتناسب وخطط تنميتها مستقبلاً، وكذلك وضع البرامج والخطط لإعادة تأهيل الجزر وبسط السيادة الوطنية عليها، وإعادة تشكيل مؤسسة وطنية تهتم بتلك الجزر، ومراجعة كافة الاتفاقيات المحلية والعربية والإقليمية والدولية حول البحر الأحمر وخليج عدن، وبما يحقق مصالح الدولة اليمنية.
داعياً إلى انشاء مركز متخصص لدراسات وبحوث البحر الأحمر وخليج عدن  الاستراتيجية والجيوسياسية والعلمية والبيئية ووضع المحميات الطبيعية.

 26 سبتمبر: | عبدالحميد الحجازي
تشكلت العديد من القوانين والإجراءات والاتفاقيات التي ارتبطت بدول البحر الأحمر وخليج عدن وسميت بـ(سياسات البحر الأحمر ) وشكل تواجد الدول الكبرى في هذه البحار منطقة نفوذ لها، ويعد سلاحاً إضافيا لنفوذها في الشرق الأوسط
كما أن هناك أهمية خاصة لباب المندب في التجارة الدولية، واشراف جزية ميون (بريم ) عليه، وزادت الأهمية مع زيادة صادرات النفط عبر باب المندب وخليج عدن، بالإضافة إلى وجود الممر الدولي للكابلات البحرية والانترنت من قناة السويس وحتى جيبوتي.

الجزر اليمنية
يبلغ عدد الجزر اليمنية 186 جزيرة تختلف في تضاريسها، ومناخها، وبيئتها، يوجد منها في البحر الأحمر 152 جزيرة، موزعة في 4 قطاعات؛ هي قطاع ميدي، وقطاع اللحية، وقطاع كمران، وقطاع حنيش وزقر.. فيما يضم خليج عدن 21 جزيرة، وبحر العرب 11 جزيرة، وتُعتبر جزيرة سقطرى أكبر الجزر الواقعة في بحر العرب، حيث تبلغ مساحتها 3500 كم2، تليها جزيرة كمران الواقعة في البحر الأحمر.. وتمتاز الجزر اليمنية بأنّها ذات مقومات وعوامل جذب سياحية واستثمارية وطبيعية، حيث توجد فيها تضاريس متنوعة؛ كالمرتفعات الجبلية، والشواطئ الرملية، والكائنات البحرية؛ كأسماك الزينة والشعب المرجانية.

التواجد الاجنبي
يمكن الحديث عن التواجد الاجنبي في الجزر اليمنية من خلال مرحلتين قبل وبعد العام 1912م،  ففي التاريخ القديم  تمثل التواجد الاجنبي بالاهتمام القديم للإغريق واليونان والفراعنة بالبحر الأحمر كمنفذ بحري هام لدولهم، وكان معظم تواجدهم في موانئ وشواطئ البحر العربي وخليج عدن، وقد زادت الأهمية للتواجد الأجنبي بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869م.
أما بالنسبة للتواجد الاجنبي الاطول في الجزر اليمنية، فقد تمثل في التواجد العثماني في البحار اليمنية، خصوصاً في البحر الأحمر الذي ظل تحت السيطرة التركية لفترة طويلة اطلق عليها (السيطرة الاسلامية  العثمانية على البحر الأحمر).
تلا ذلك التواجد الأوروبي بعد افتتاح قناة السويس، باحتلال بريطانيا لمدينة عدن في 19 يناير 1839م وحتى جلاء المستعمر منها في 30 نوفمبر 1967م بعد 128 عاماً من الاحتلال، وكذلك وجود بريطانيا في الحديدة تحت مبرر اخراج التواجد العثماني منذ10 ديسمبر 1918م وظلت خمس سنوات وخرجت من الحديدة لتظل في الجزر اليمنية كمران وميون حتى 1967م.

شبه السيطرة الوطنية
 منذ أن بسطت المملكة المتوكلية نفوذها على تهامة بعد حرب الزرانيق في اربعينات القرن الماضي، وتوقيع اتفاقية الهدنة مع بريطانيا وتسليم بريطانيا لها بحق السيطرة على تهامة، تم السيطرة على باب المندب وبعض الجزر اليمنية، واستمر الحال كذلك حتى قيام الجمهورية العربية اليمنية ومحاولاتها المستمرة للسيطرة على الجزر وكانت تحصل على الدعم والمساندة من الدول العربية وحركات التحرر العالمية، فاستطاعت السيطرة المحدودة على تلك الجزر ووقعت الاتفاقيات لحمايتها مع دول الإقليم والعالم، ومعروف محاولة الرئيس الحمدي لإيجاد رابطة للدول المطلة على البحر الأحمر وفقاً لاتفاقية تعز عام 1975م، وتمكن أكثر من زيادة دورها في حماية البحر الأحمر وخليج عدن وبسط سيطرتها على الجزر اليمنية، حتى قيام الجمهورية اليمنية التي حققت تواجداً فاعلاً على السواحل والجزر اليمنية.

 ممر بحراسة دولية
بعد صدور قانون البحار عام 1982م، والخاص بمايسمى بالمرور العابر عبر المضيقات وخاصة باب المندب ومضيق تيران، ظهرت رغبة للتحالفات الدولية في السيطرة على البحر الأحمر وخاصة بعد اتفاقية كامب ديفيد بين مصر والكيان الاسرائيلي، وانتشار القرصنة والاضطرابات البحرية وخاصة بعد استهداف الناقلات النفطية من قبل القراصنة الصوماليين عام 2008م، أدى الى انشار القوات الأجنبية (الفرنسية والأمريكية والإيطالية والصين وغيرهم )، وتأسيس فرقة عمل معنية بالبحر الأحمر وخليج عدن وفقا لاجتماع جيبوتي في 27فبراير 2019م في اجتماع سفراء الايجاد.
ولهذا يرى الباحث صاحب الدراسة إن الاتجاه نحو التعاون الإقليمي يزداد عندما ترتفع حدة مستويات التهديد، كما يتراجع هذا الاهتمام مع تراجع المخاطر.

المواجهة الدولية
 ازداد خطر المواجهة الدولية في البحر الأحمر بعد اعلان الصين طريق الحرير، فاصبح التواجد الدولي والإقليمي أشد حدة وتنافساً، وخاصة بين دول المنطقة التي تريد ان تتواجد بقوة في سواحل البحر الأحمر، فنشرت معظم الدول العظمى قواتها في سواحل البحر الأحمر وخليج عدن خاصة بعد 2015م والحرب على اليمن.
في المقابل استضافت جيبوتي التي تبلغ مساحتها 23 ألف كلم2 خمس قواعد عسكرية، تتبع الولايات المتحدة، وفرنسا، والصين، واليابان، وإيطاليا، وتتشاور بشأن إنشاء قاعدة عسكرية تركية، بالإضافة إلى تطور الصراع الصيني – الأمريكي في المنطقة وانتشار القواعد العسكرية في المنطقة، ومحاولة إيران فرض وصاية أمنية من مضيق هرمز وحتى قناة السويس شمالاً باتجاه المتوسط.
كما أعلنت السعودية في 18اكتوبر 2012م عن مناورة بحرية مشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية، في أسطولها الغربي، استمرت لمدة عشرة أيام، تحت مبرر "ضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر".

الاستعمار الاماراتي
تمكنت الإمارات خلال السنوات الماضية من إيجاد مواطئ أقدام لها في أغلب دول القرن الأفريقي، وتحقيق شراكات متعددة تنوعت بين الحضور الاقتصادي الذي تقود قاطرته موانئ دبي، والعسكري عبر استنبات قواعد عسكرية لا تتوفر الكثير من المعطيات عن أهدافها ومجالات تركيزها.. وتعد إرتيريا من أبرز الأمثلة على نمط الحضور الإماراتي في المنطقة الذي يحاول المزج بين الحضور العسكري وأدوات القوة الناعمة، كما عززت أبوظبي انتشارها في الصومال مستغلة حالة الانقسام بين حكومة الصومال المركزية وأرض الصومال غير المعترف بها.
كما استغلت الإمارات أجواء الحرب على اليمن بعد العام 2015م للسيطرة على عدد من الموانئ اليمنية، وفي مقدمتها ميناء عدن والمكلا، كما تدير الإمارات موانئ في أربعة من البلدان السبعة المتاخمة للبحر الأحمر.. بالإضافة إلى قيامها بإعداد القواعد العسكرية في كل من (ميناء المخا، وجزيرة ميون، وارخبيل جزيرة سقطرى )

التجارة الدولية
يعد مضيق باب المندب رابع أكبر الممرات من حيث عدد براميل النفط التي تمر فيه يومياً، وبحسب بيانات الإدارة الأميركية لمعلومات الطاقة فقد تدفق عبر باب المندب في العام 2016م نحو 4.8 ملايين برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة باتجاه أوروبا والولايات المتحدة وآسيا، كما يمثل مضيق باب المندب أهمية بالغة لدولة مصر، حيث تشير الإحصاءات الى أن حوالي 96% من البضائع والسفن التي تمر عبر قناة السويس  سنويا تمر من مضيق باب المندب.
كما يشكل مضيق باب المندب عنصر امن قومي لدول البحر الأحمر فهو المنفذ الوحيد الى جنوب غرب اسيا و دول الخليج بالنسبة للسودان, الأردن, فلسطين, سوريا, ارتيريا, إضافة الى دولة الجزائر و ليبيا والذي يشكل مصدر امن قومي لها من خلال حركة التجارة البحرية وتصدير النفط المستورد من قبل الصين، وبذلك ندرك مدى أهمية اليمن .. كثير ما نسمع هذا المصطلح في العديد من الدراسات والمناقشات والاجتماعات والقمم العربية وكذلك الدولية ويتردد شيوعاً من قبل السياسة الخارجية الامريكية في الامن القومي الأمريكي.
اقتصاد الجزر
لاشك أن الجزر اليمنية تعد مورداً اقتصادياً هاماً لليمن عبثت به الاقدار وضاعت فرص عديدة للاستفادة من موقعها طوال سنوات عديدة، فاليمن بحاجة ماسة الى القيام بالمسوحات إحصائية شاملة للتعرف على الخصائص الجيولوجية والبشرية والثروات الطبيعية الظاهرة والباطنة، وحصرها ووضع العلامات الطبوغرافية لكل جزيرة وتحديد معالمها بشكل اكثر دقة، ووفقاً للمعلومات المتاحة عن بعض الجزر اليمنية المتوفرة لدى وزارة الإدارة المحلية فان هناك العديد من الفرص الاستثمارية التي تحتاج الى مزيد من الترويج لها في ظل بيئة استثمارية حقيقة مناسبة ولن يتحقق ذلك الا في ظل تقاسم للسلطة والثروة في اليمن.
وقد كشفت الدراسات الميدانية التي أجراها خبراء واكاديميون أن في الجزر اليمنية ثراءً بيولوجياً يمتاز بالندرة حيث هناك أكثر من 2400 نوع من الشعاب المرجانية و700 نوع من أسماك الزينة، الى جانب 500 نوع من الرخويات و200 نوع من الاسماك الأخرى، وتحتضن الجزر نحو 113 نوعاً من النباتات البحرية و292 نوعاً من النباتات البرية، وفيها 48 كيلومتراً مربعاً من أشجار المنجروف (الشورى). ويستوطنها نحو 363 نوعاً من الطيور، وهذا يجعلها من أغنى جزر الشرق الأوسط تنوعاً حيوياً.
وفي الجزر اليمنية الكثير من المميزات المشوقة لسياحة الغوص والصيد البحري ورحلات المشي والتسلق والتخييم ومراقبة الطيور والسلاحف، وتشمل 130 موقعاً تمتد من جزيرة زقر الى نقطة الالتقاء بين البحر الاحمر وخليج عدن عند جزيرة ميون في باب المندب، وتمتاز بمناخ استوائي ورمال ذهبية ومياه ذات درجة عالية من الصفاء، تؤهلها لتكون مقاصد عالمية للاستجمام والسياحة البيئية، وتختلف مناخات الجزر باختلاف مواقعها الاستراتيجية وتضاريسها، من المساحة والطبيعة الجغرافية والتشكيلات الجبلية.

الفرص الاستثمارية
ان الفرص الاستثمارية المتاحة حسب القطاعات والدراسات التي وضعت من قبل الحكومات السابقة متواجدة في موقع مركز المعلومات التابع لرئاسة الجمهورية وفقا للرابط التالي: ( https://yemen-nic.info/sectors/tourism/alyemenezlandi/ezland/)، وهذه الفرص المتاحة وفقاً لقطاعات الاستثمار في مجال (السياحة ) بحسب الجزر في قطاعات البحر العربي والمحيط الهندي وخليج عدن والبحر الأحمر، كما أن هناك فرصاً استثمارية ضائعة في  الجزر اليمنية في ظل عدم استقرار اليمن.

الاستثمار البيئي
أوضحت الدراسات للحياة البيئية النباتية والحيوانية والطيور في البر والبحر والسواحل أن هناك العديد من النباتات الطبية والغذائية المستوطنة في البحار والجزر اليمنية حيث بلغت نحو (2838) نوعاً نباتياً، منها (113) نوعاً من النباتات البحرية، و(292) من النباتات  البرية، ونحو (48) كيلومتر من أشجار المنجروف (الشورى)، ووفقا لتلك الدراسات التي أعدتها (الهيئة العامة لحماية البيئة ) وتلك الأنواع تتبعها (1068)جنساً و(179) فصيلة تنمو بشكل طبيعي، ويوجد منها في جزيرة سقطرى فقط نحو (307) أصناف متوطن فيها.. وهنا يبرز مدى أهمية تلك الفرصة الاستثمارية الطبية والعلمية للاستفادة من تلك الأصناف للدخول في الصناعات الدوائية ويتطلب من السلطة اليمنية عرضها لغرض الاستثمار من خلال ما يلي :-
- وضع الدراسات العلمية المتخصصة لكل نبات على حدة والترويج لها.
- الاهتمام بالبيئة الحيوانية والطيور ووضع المحميات الطبيعية وخاصة في جزر المنجروف.
- الحفاظ على المحميات في (البيئة الرطبة).

فرص ضائعة
أكدت الدراسات وجود العديد من الفرص الاستثمارية الضائعة في  الجزر اليمنية في ظل عدم استقرار اليمن، بما فيها الفرص المتعلقة بالخصائص المختلفة للجزر اليمنية، ومقومات تعزيز التنمية المستدامة  في كافة القطاعاتـ ومنها الفرص التالية: فرص الاستثمار السياحي- فرص الاستثمار الخدمي- فرص الاستثمار البيئي- فرص الاستثمار في قطاع النقل البحري والموانئ- فرص الاستثمار في قطاع الإسكان والمدن الساحلية- فرص الاستثمار في قطاع الاصطياد السمكي والغوص- وفرص أخرى كثيرة.
علماً بأن جميع تلك الفرص قد تم وضع الدراسات لها من الجهات المختصة خلال السنوات الماضية، وتنفيذها بحاجة الى الاستقرار وبسط نفوذ الدولة على الجزر والموانئ اليمنية ووضع الخطط والبرامج الترويجية المناسبة في ظل مناخ استثمار محلي ودولي مناسب.
وختاماً نأمل أن يتم الاهتمام ببناء الانسان اليمني فهو محور الحياة في الأراضي والبحار اليمنية.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا