أخبار وتقارير

الذكرى السنوية للشهيد .. الأهمية والدلالات

أبو حمزة شايم
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه العزيز (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)

فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) سورة آل عمران)
الحديث عن أهمية الذكرى السنوية للشهداء حديث واسع جدا، لأنه يرتبط بعظماء جعل الله لهم المكانة العظيمة التي لا تساويها عظمة إلا الأنبياء، ونقدم هنا نبذة بسيطة جدا ومختصرة حسب ما يقتضيه المقام.. كمساهمة في إحياء هذه المناسبة وإسهامًا في الوعي حول ثقافة الشهادة والجهاد في سبيل الله..
تأتي أهمية الذكرى أو الحدث بأهمية من ترتبط به حيث ان لكل حدث ارتباط وسبب وارتباط هذه المناسبة وسببها هم الشهداء الذين عظم الله حقهم وجعلهم أقرب الخلق إليه، والشهداء عظماء بررة اتقياء، ومستواهم فوق أن نتحدث عنهم في مقال، او حتى في مجلدات...
نشير هنا إلى عدة نقاط تبين وتوضح أهمية هذه المناسبة وعظمتها وما لها من أهمية للأمة والمجتمع والفرد
أولاً: وقبل كل شيء إن إحياء المناسبة والتفاعل معها والبذل فيها كل بقدر استطاعته ومكانته، فيه تعظيم لما عظم الله وتجسيداً لقول الله

تعالى: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)..
فالمناسبة لأنها مرتبطة بمشروع قرآني إيماني وتطبيق وتجسيد لواجب مقدس تحدث الله تعالى عنه ودعا إليه في القرآن الكريم وجعل له القداسة والأهمية فإن المناسبة ليست حدثا كما يقدمها العلمانيون مناسبة وطنية او أي عنوان آخر، بل هي عنوان من أعظم العناوين القرآنية الربانية..
ثانياً: إن هذه المناسبة وكل ما يقدم فيها هي صلة وقربة إلى الله تعالى وطاعة إيمانية، لأهمية وقرب الشهداء من الله تعالى عندما قال (بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) فقال عند ربهم، ولم يقل في أي مكان آخر..
ثالثا: يكون لهذه المناسبة أهمية كونها إشادة ومواساة لأكرم وأعز شريحة في المجتمع، وهم اسر الشهداء ومحيطهم الأقرب، فكل شهيد له محيط أسري يشكل رقما هاما في المجتمع والأمة، وليس المقصود الأسرة الخاصة فقط بل الموضوع أوسع من ذلك ليشمل المحيط الاجتماعي للشهيد، ولهم الدور الكبير في المجتمع في الماضي والحاضر والمستقبل.
ومن هنا يكون للذكرى أهمية من هذا الجانب كون استنهاض المجتمع والارتقاء به في الوعي والبصيرة والمساهمة في مواجهة الطاغوت وتحصينه من استهداف العدو له في كل الجوانب.. يعتبر أولوية كبرى وخاصة في مراحل مواجهة مشاريع طواغيت العالم، في كل جوانبه العسكرية والأخلاقية والاقتصادية... الخ
فكل من له صلة بالشهيد أو معرفة او صداقة لا بد أنه سيتفاعل مع هذه المناسبة لأنه – فطريا - يشعر بالفخر ويسعى إلى ذلك، فيكون ذلك بابا ومدخلا إلى تفعيل الفرد والمجتمع ورفع مستوى الوعي والبصيرة لديه، وفي ذلك تجسيد للوفاء للشهداء ومبادئهم ومشروعهم الذي حملوه وضحوا من اجله..
رابعا: أن للمناسبة أهمية بالغة بالنسبة للمجتمع بكله وللأمة وللأجيال الصاعدة، من حيث أن التذكير بالشهداء ودورهم والدروس والعبر التي يتم التذكير بها في المناسبة والحديث عنها.. يقدم الشهداء في موقع الأسوة والقدوة للمجتمع والأجيال فيتأثرون بهم ويعظمونهم، وتحيا في نفوسهم المبادئ العظيمة والمشروع الذي حمله الشهداء بدلا من أن يكون لهم قدوات يتيهون بهم عن الصراط المستقيم وخاصة وأن العدو يحرص على أن يقدم للمجتمعات والأجيال القادمة قدوات فاسدة ماجنة شاذة من الفنانين والفئات الأخرى من الرياضة وغيرهم...
خامسا: الاستفادة من التأثير العاطفي الذي يحظى به الشهداء كونهم يمثلون مظلومية من حيث استشهادهم ومعرفة المجتمع بذلك، فيكون التأثير لهذا الجانب أهمية بالغة في استجابة الفرد وصحوته وقربه إلى المشروع الرباني والمنهج الإلهي.. فالبشر بطبيعتهم وفطرتهم يتأثرون عاطفيا بما يسمعون ويشاهدون، وفي إحياء مظلومية الشهداء والقصص البطولية والحديث عن أخلاقهم وإحسانهم يكون له تأثير عاطفي على الفرد اكثر من غيره وأبلغ من كثير من الخطب والمحاضرات والدروس..
سادسا: أن لهذه المناسبة أهمية على شريحة مؤثرة على المجتمع وهي طبقة المنافقين، الذين بثقافتهم ونشاطهم يكون لهم تأثير على المجتمع لانهم ينشطون في جانب التثبيط والتشكيك والإرجاف ويؤثرون سلبا على المجتمع كما قال الله عن سلوكهم ونشاطهم ومكرهم: (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) آل عمران)
ففي إحياء هذه المناسبة على أوسع نطاق أهمية في قمع نشاط هذه الطبقة وكبتها، وإلجامها، لأنهم عندما يشاهدون أغلب المجتمع متوجها ومشاركا في إحياء الأنشطة والأعمال التي تكون في هذه المناسبة يخشون ويخافون من الفضيحة فينحسر نشاطهم ويقل تدريجيا...
وذلك له أهمية بالغة في حياة الأمم واستجابتها لله تعالى في مواجهة الأعداء ومشاريعهم، وتحصينها من الضلال واكتسابها القوة والعزة والثقة بالله تعالى..
إلى هنا نمسك عنان القلم عن الاسترسال في الحديث عن هذه المناسبة وأصحابها، لأن الحديث عنهم واسع جداً.. ونسأل الله تعالى ان يوفقنا لكل عمل وموقف فيه الوفاء للشهداء والمبادئ والقيم والمشروع الذي حملوه، وأن يثبتنا على دينه ويسدد أقوالنا وافعالنا، ونتوجه إلى الله تعالى أن يرحم الشهداء ويجعل مكانهم في عليين.. وأن يبارك في أسرهم وأبنائهم، ويجعل منهم الذرية الصالحة، وأن يمن على الجرحى بالشفاء والفكاك للأسرى، وسلام الله على الشهداء وآباء وأمهات الشهداء وأبناء الشهداء وزوجات الشهداء، وأسرهم رحمهم الله جميعاً.. وأن يعجل بالنصر والفرج على أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا