ليلة عصيبة على كييف وموسكو تجهز الردع النووي
دوّت أصوات عدة انفجارات بعد منتصف الليل في العاصمة الأوكرانية كييف، كما دارت اشتباكات عنيفة شمال المدينة التي تحاول القوات الروسية السيطرة عليها في اليوم الخامس للهجوم.
ووصفت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية أمس الأحد بأنه كان "عصيبا" على الجيش، قائلة إن القوات الروسية "تواصل القصف في جميع الاتجاهات تقريبا".
وأضافت هيئة الأركان -في منشور باللغة الإنجليزية على فيسبوك- أن أفراد قوة الدفاع في قاعدة فاسيلكيف الجوية العسكرية (جنوب غربي العاصمة كييف) يقاومون القصف المدفعي والهجمات الروسية.
وبالتزامن مع الاشتباكات في العاصمة، وافق البرلمان الأوكراني بالإجماع على فرض حالة الطوارئ في البلاد، مع اشتداد المعارك بين القوات الروسية والجيش الأوكراني في عدد من المدن، وإعلان كلا الطرفين إلحاق خسائر فادحة بالطرف الآخر.
وذكرت مصادر اعلامية أن موافقة البرلمان على فرض حالة الطوارئ جاءت استجابة لمناشدة مجلس الأمن القومي والدفاع في وقت سابق من أجل فرض حالة الطوارئ في البلاد.
ووفقا لحالة الطوارئ فسيتم تقييد حركة المركبات، كما سيُمنح الحق للقوات الحكومية في تفتيش السيارات، وتعزيز حماية النظام العام والمرافق الحكومية، كما ينص قرار فرض حالة الطوارئ على حظر تنظيم المظاهرات الجماهيرية.
وتأتي هذه التطورات في وقت اعترفت فيه روسيا أمس الأحد بسقوط جنود لها في حربها على أوكرانيا، كما تتقدم مئات من عرباتها العسكرية نحو العاصمة كييف، في حين انتقد حلف شمال الأطلسي (ناتو) روسيا بعد وضع قوات "الردع النووي" في حالة تأهب.
ونقلت وكالة أنباء روسيا (إنترفاكس) عن وزارة الدفاع الروسية قولها إن قتلى وجرحى سقطوا في صفوف قواتها خلال الحرب على أوكرانيا، كما كشفت عن بضعة جنود روس أسروا لدى القوات الأوكرانية.
وأظهرت صور أقمار صناعية نشرتها شركة "ماكسار" الأميركية عن قافلة عسكرية روسية بطول 5 كيلومترات تتجه نحو العاصمة الأوكرانية كييف.
وحسب بيان للشركة، فإن الحشد العسكري الروسي تضمن المئات من المركبات العسكرية، بينها دبابات ومركبات وقود ومدرعات ومدفعيات. وأشار إلى أن القافلة العسكرية باتت على بعد 64 كيلومترا من كييف.
أكبر طائرة
وأعلنت مجموعة "أوكروبورونبروم" العامة الأوكرانية أمس الأحد أن أكبر طائرة في العالم من طراز "أنتونوف 225" (Antonov 225) دُمرت في ضربات روسية على مطار قرب كييف يشهد معارك عنيفة.
وقالت المجموعة في بيان إن "الغزاة الروس دمروا أبرز الطائرات الأوكرانية" في مطار أنتونوف في غوستوميل، حيث كانت الطائرة تخضع لإصلاحات، وأشارت أن ترميمها سيكلف ما يزيد على 3 مليارات دولار وسيستغرق وقتا طويلا.
وهذه الطائرة فريدة من نوعها في العالم؛ إذ يبلغ طولها 84 مترا ويمكنها نقل ما يصل إلى نحو 250 طنا من البضائع بسرعة تصل إلى 850 كيلومترا في الساعة، وأطلق عليها اسم "مريا"؛ أي "الحلم" باللغة الأوكرانية.
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا عبر تويتر "روسيا دمرت مريا، لكنها لن تكون قادرة على تدمير حلمنا بدولة أوروبية قوية وحرة وديمقراطية.. سننتصر".
جاء الإعلان في وقت يشهد فيه مطار غوستوميل اشتباكات عنيفة منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا الخميس الماضي، ويحاول الجيش الروسي السيطرة على هذه البنية التحتية الإستراتيجية.
معارك خاركيف
من جهة ثانية، قال أوليغ سينيغوبوف المسؤول المحلي في خاركيف أمس الأحد إن المدينة عادت إلى سيطرة القوات الأوكرانية، بعد ساعات قليلة من إعلانه وصول الجيش الروسي إلى وسط المدينة.
وكتب سينيغوبوف عبر شبكات التواصل الاجتماعي "خاركيف تحت سيطرتنا التامة"، مؤكدا أن عملية "طرد الأعداء من المدينة" جارية.
وحسب قوله، فإن "العدو الروسي محبط تماما"، وتخلى عن مركباته ومجموعات من الجنود الذين "استسلموا للجيش الأوكراني".
ونقلت رويترز عن أوليكسي أريستوفيتش مستشار الرئيس الأوكراني قوله إن قواتهم دمرت نصف الآليات الروسية التي دخلت خاركيف.
وقال أريستوفيتش أمس الأحد إن الوضع "لم يتغير بدرجة كبيرة في أوكرانيا، ونحن نسيطر على الأراضي غربي كييف والقوات الروسية لم تتقدم جنوبا".
وخاركيف -التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليون نسمة- هي المدينة الرئيسية شمال شرقي أوكرانيا، وتقع على مقربة من الحدود الروسية والأراضي التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا في دونيتسك ولوغانسك.
طلب دعم
في سياق متصل، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن قادة ما سماهما "جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك" طلبوا دعما عسكريا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مواجهة ما وصفه "بالعدوان الأوكراني" على إقليم دونباس.
وتقول قوات الانفصاليين الموالية للروس إنهم سيطروا على مدن عدة في إقليم دونيتسك (شرقي أوكرانيا) ويواصلون المعارك بهدف السيطرة على كامل الإقليم.
كما ذكرت القوات الانفصالية في لوغانسك أنها سيطرت على مدينتين على الخط الفاصل متجهة نحو القوات الأوكرانية.
وفي إقليم سومي (شمال شرقي البلاد) لا تزال المعارك دائرة بين القوات الروسية والقوات الأوكرانية.
وفي الجنوب، تحاول القوات الروسية السيطرة على خيرسون، منطلقة من جزيرة القرم المحاذية لها التي سيطرت عليها منذ عام 2014.
كما ذكرت وزارة الدفاع الأوكرانية أن مدينة أوديسا على البحر الأسود تتعرض لإطلاق نار.
ويحاول الجيش الأوكراني صدّ محاولات توغل من محاور مختلفة للجيش الروسي الذي يعدّ متفوقا في العدد والعتاد، وقال إنه أحبط إنزالا جويا للقوات الروسية في منطقة البحر الأسود.
وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية أمس الأحد إن نحو 4300 جندي روسي قتلوا منذ إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -فجر الخميس الماضي- بدء العملية العسكرية ضد كييف.
ولم يتم التحقق من هذه الحصيلة بشكل مستقل، علما أن موسكو لم تعلن رسميا بعد أي تعداد لخسائرها في المعارك.
ودعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الأحد الأجانب الراغبين في مساعدة بلاده على مواجهة العمليات العسكرية الروسية للتوجه إلى سفارات كييف في العالم وتسجيل أسمائهم للالتحاق بـ"فرقة دولية" من المتطوعين.
وفي حين شدد زيلينكسي على تمتع الأوكرانيين بالشجاعة الكافية للدفاع عن بلادهم بمفردهم، رأى أن هجوم موسكو "ليس مجرد غزو روسي لأوكرانيا، بل هو بداية حرب ضد أوروبا".
ودعا الأجانب الراغبين في الالتحاق بالمعركة للتواصل مع الملحقين العسكريين في سفارات أوكرانيا.
الرواية الروسية
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية الأحد تدمير 1076 موقعا عسكريا أوكرانيا منذ بداية العملية العسكرية الخميس الماضي.
وذكرت الوزارة -في بيان- أن قواتها شنّت أمس الأول السبت ضربات جديدة بأسلحة دقيقة بعيدة المدى باستخدام صواريخ مجنحة من الجو والبحر ضد منشآت البنية التحتية العسكرية لأوكرانيا.
وأوضح البيان أن بين المنشآت المستهدفة 23 نقطة تحكم ومركز اتصالات للقوات الأوكرانية، و31 قطعة من منظومات "إس-300″ (S-300)، و"بوك إم-1″ (Buk M-1) و"أو إس إيه" (Osa) للصواريخ المضادة للطائرات و48 محطة رادار، حسب ما نقلته قناة روسيا اليوم.
كما أسقطت القوات الروسية 8 طائرات مقاتلة أوكرانية و7 مروحيات و11 طائرة من دون طيار، إضافة إلى صاروخين تكتيكيين من طراز "توشكا-يو" (Tochka-U)، وفق البيان.
الردع النووي
في المقابل، أمر الرئيس بوتين قيادته العسكرية بوضع قوات الردع الروسية (في إشارة إلى الوحدات التي تضم أسلحة نووية) في حالة تأهب قصوى، مشيرا إلى التصريحات العدائية لزعماء الناتو والعقوبات الاقتصادية ضد موسكو.
وقال بوتين -في التلفزيون الرسمي- "كما ترون، لا تتخذ الدول الغربية إجراءات غير ودية ضد بلدنا في البعد الاقتصادي فقط؛ أعني العقوبات غير القانونية التي يعرفها الجميع جيدا، بل إن كبار المسؤولين في الدول الرئيسية في حلف الناتو يسمحون لأنفسهم بالإدلاء بتصريحات عدائية إزاء بلدنا".
من جانبه، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ اليوم أمس الأحد إن تحرك بوتين لوضع القوات الروسية في حالة تأهب قصوى أمر خطير وغير مسؤول، ويضاف إلى النمط العدواني للزعيم الروسي في ما يتعلق بأوكرانيا، حسب تعبيره.
وكالات